أتذكـّر جهاز البندول الذي درسناه في المرحلة الأساسية من التعليم، و الذي يتمّ من خلاله برهنة أن الطاقة لا تفنى ..
فالطاقة تنتقل من اليد إلى أول كرة، ثم من أول كرة إلى الثانية، و منها إلى الثالثة حتى الأخيرة التي تتطاير إلى الأمام قبل أن تعود لتعيد ما حدث و لكن في عكس الإتجاه .. و هكذا

بالمثل تماما ً يعيش الوجع، و لا يفنى .. ينتقل من إنسان إلى آخر، بقصد و بغير قصد، و في كل الإتجاهات و عكسها ..
يظلم هذا ذاك، فيشعر ذاك بالقهر، و ما أدراتك ما القهر، فتجده يصبّ إحساسه بالظلم في ظلم شخص آخر ..


يقرر الوزير –مثلا ً-  قرارا ً مـُتعَسـّفا ً، فيضغط المدير المصلحة المسئول عن إدارتها، و يوتـّر الموظفين، فتحد الموضفين يعاقبون الجمهور في النهاية، و يعنـّتوهم و يعطـّلون مصالحهم، فتجدهم بدورهم يتعمدون إزعاج من يطولونه .. سواء زملاء في العمل أو اخوة أو زوجة او ابناء أو حتى الناس في المواصلات ..


يقرر الفتى ترك حبيبته دون سبب مقنع .. ربـّما الملل .. ربـّما ذبول الجمال و كئابة الوجه و قلـّة الحياء بملامحه، فالحياء جمال لا يضاهيه جمال أصباغ أو ألوان أو تنعيم ..
فتجدها شاعرة بالضياع، و طبعا بالظلم، و بعد فترة تشتهي الإنتقام ..
من كل شيء ..
إلا الحبيب الغادر ..
فهنيئا ً لمجتمعها بمثلها .. كرة من نار ترغب في حرق العالم .. الذي لم ينصفها
و هنيئا ً لأقربيها .. امرأة ساخطة .. لا ترضى بشيء رضاءا ً حقيقيا ً.. لا تـُحبّ شيء حـُبا ً حقيقيا ً .. لا تستمتع بشيء استمتعا ً حقيقياً ..


يحكي المهموم ما يـُبئسه لصديقه، فيتحرر من بؤسه –قليلا ً- و يترك لصديقه بؤسا ً و ضيقا ً و ثقل في النفس ..

تحكي الأم مأساتها مع اهل زوجها –أو زوجها- لأبنائها، فتشعر بقليل من الراحة، و تترك تشوّهات بأرواح أبنائها، و ربّما عقدا ً نفسية تكبـُر معهم ..


حقيقة ً .. الأمر أشبه بالنافورة .. اعتقدنا صغارا ً أنه يتمّ مدّها بكمية لا منتهيـّة من الماء، و علمنا عندما كبرنا أنها دورة مستمرة تتم على قدر قليل من الماء ..
كذلك العالم .. مصنع من ماكينات تدوير للأوجاع و للحاجات الغير مشبعة ..


لا أتصوّر الحياة بلا وجع -و إن كنت أحلم بها كذلك- .. و لكن رجاءا ً .. ترأّفوا بالناس عندما تـُبتـَلون ..



 

0 التعليقات

إرسال تعليق

إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية