كتب : محمود كرم الدين محمود
حين تهاجر بخيالك لأجمل مشاهد تتمنى أن تراها عينيك، وبقلبك لأروع الأماكن تتمنى أن تتلمسها بمشاعرك، لتترك متاعب الدنيا خلفك وتنطلق لقمة السعادة، حين استدعي بخيالي مشاهد تحمل تلك الأوصاف لتحملها كلماتي، لا أجد خيراً من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، تلك الهجرة التي بتأملي فيها تعلم خيالي كيف يكون الحلم، وتعلم قلبي كيف يكون الحب والعمل لخير الأهل والأرض والبشر أجمعين. لم تكن الهجرة من مكان فيه عذاب لأرض جديدة يستريح المهاجر إليها من كل عناء ولكن لمشقة أكبر وهي بناء المدينة، لم تكن المدينة حينها تلك المدينة التي نراها الآن وتتهافت القلوب إليها، ولكنها مكان ككل أماكن الأرض، بها ما في البشر من عيوب، كانت هناك تصنيفات للبشر، هذا من الأوس وهذا من الخزرج، هذا من المهاجرين وهذا من الأنصار، فآخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار، وأنهى تلك التصنيفات وجعل الأفضلية بالتقوى، ووضع وثيقة مكتوبة تنظم العلاقات بينهم، وكانت تنتشر الأمية بين أبناءها، فكان الحل أنه على أسير غزوة بدر أن يعلم عشرة من المسلمين مقابل فك أسره، مشكلات تتلوها حلول وعقبات تعقبها أعمال حتى امتد أثر الحضارة الإسلامية لسنوات طويلة في كثير من بقاع الأرض. لم أشارك في الهجرة إلى المدينة أو بناءها، ليتني كنت مع كل باني للمدينة حينها حتى أسأله عن مشاعره وخياله عن تلك الأرض و كيف يحب أن تكون، لكن ما نتج من أعمالهم لهو خير دليل على جمال خيالهم وحسن صنيعهم لتحقيق ما تخيلوه ودعوا الله فحققوه. ليتني أستطيع استدعاء ذلك الخيال الجميل في قلوب كل من يريدون بناء أوطانهم، فليس أجمل من مثال بناء المدينة لتزدان به عقولهم وتشتاق إليه قلوبهم، خيال يساعد على التآخي ولم الشمل، خيال يساعد على إيجاد حلول لمشكلات الواقع لا الهروب منها، خيال يصور جمال الحقيقة بالقلب فإن لم يجدها صاحبها بالحياة يكن هو أول من يحققها.

0 التعليقات

إرسال تعليق

إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية