شعر: محمد السيد ندا
سبتمبر عاد
الشجر الأسود فى الليل
الريح الصارخة
جفاف الأبعاد
صوت خريفى
صمت جراحى الشفقيه
تسقط فى الشارع
أوراق التذكارات الشجريه
كان هنا غصن وفراش وطيور
كان هنا ... كان هنا
أنتثر الآن زمانا لايتحرك
... أصداء الطرقات الخلفيه :
... سر
لاتتوقف
سر لاتتوقف
..... سر
أتوقف مستمعا لامنتشيا
لأدخن فى ليل وضباب
حلقات دخان
تحتضن فوانيس الضوء
أتذكر فى صمت الشارع
فى سبتمبر
أرسم أشجارا وبحارا وشواطىءَ
أرسم مدرستى
حوض زهور وبحيرات وفراش
...............
أمى وضعت طفلا آخر
قطعة لحم حمراء
تصرخ فى فوهَّة الليل ... البركان
أمى سكنت ذات صباح
......أمى شربت
نادتنى كى أرقد
لاتلعب ياطفلى
أنت الرجل هنا
..........
أتوقف تحت النور المخنوق
اختنق الدمع المرهف فى عينىَّ
تكسر لوح زجاج النافذة الخضراء
أمى رقدت تحت التل الأسود
فى الليل
أمى ماتت
... ماتت
الشارع لايحتمل ملايين الأقدام
" ... لاتستعمل آلات التنبيه .."
الكون النابض أحزانا
لايحتمل مزيدا من أحزانك
" ... إلزم جانبك الأيمن ..."
والورق الأصفر يتساقط
" ... هدىء سرعتك وسر .. "
...............
أهبط فى الذاكرة
إلى ماقبل الميلاد
أستنزف أحزان الأبعاد
سبتمبر عاد وعاد وعاد
... مرحى بالحزن الأبيض
يا ابنة آلامى
سافرتُ ولم أتعلم
ياعينيها البللور
مرحى بعيون الليل
بالحزن الرابض
فوق جبال النور
........ .......
كنا أطفالا
أقصر من أعواد القمح
كنا نلعب خلف الأجران
ونقيم العرس
ننشد للشمس أغان خضراء
ويمر قطار
ينقص من قريتنا رجل سافر
رحل إلى مصر
...................
" ... أحلم بالعربات
وبالطرقات المرصوفه
أحلم بالألوان ... "
كان القمر صغيرا
لم ينطق بعد
سافرتُ وسافرتْ
وتمر الأعمدة سريعا
يتنفس شجر الصفصاف
الراقد فوق ضفاف النهر
وأمر...
تتحرك أزمنتى
تصحو ألوان الشفق
على وقع الخطوات الطفليه
وأمر وحيدا فى الطرقات
طفلا مشتاقا للحب
..............
آه ياعينيها
فى ليل مدينتنا
المستلقية الكسلىَ
عرفتنى من صوتى
سمعتنى أيامى فانتفَضَتْ
شربتنى أقداما وعيونا
سكبتنى دمعا بللوريا
فى شارعنا الضيق
... آه ياعينيها العاشقتين
حينا ... تنبع من أحزانى نظرتها
حينا أنبع فى نظرتها
آه يامرآتى
ياخصلات الليل المسدلة
على أعناق الأشجار
يا سبتمبر
حين تجف ينابيع الحزن الليلىْ
وحين تجف الأقمار
تصحو من غفوتها
تذكارات الأسفار
... أنبش فى أبعاد الليل
لأبحث عن سَفر ٍ منسىْ
سافرت إلى مصر
وحملت ُبذاكرتى
ثقل البلدان القدريهْ
سافرت وحيدا
بالطرقات المنسيهْ
لم أشعريوما أنى أتنقل
.... يارعبى من هذا الليل
أقدامى كلَّت
وانطفأت أنوار القلب
.... ياباعثنا
فى بطن الأم المحزونهْ
هبنى قلبا
أخلعه من فصل جفافى
هبنى روحا لاتنزف ألما
هبنى أقداما
تعبر بى أزمنة التيهْ
هبنى قلبا يُظهر دوما مايخفيهْ
مازلتُ وحيدا
أغمس شاطئك الوردىَّ
بأحلامى
هل نتعانق ؟
ياعينيها السائلتين طريقى
أين المشرق والمغرب ؟
أين الزمن وأين الليلُ ؟
... لا أصداء
لا إشراقة صبح
تحتضن القلب الشجنىْ
لابسمةَ فجر فضىْ
..........
" ... لاتتمرد
.... لاتتعدد "
..........
سبتمبر عاد
يسكب فى صمتك
أنهارالأصوات المختنقهْ
يمتعك ولكن فى صمت
ينبؤك
بأن الوقتَ يمرُّ
ولا يتكلمْ
يحزنك
ولكن
دون دموعْ
صحيفة الاتحاد الإماراتية
5 سبتمبر 1985 أبو ظبى
ديوان ذاكرة الصمت 2003
القاهرة
0 التعليقات
إرسال تعليق
إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية