كتب : إبراهيم البحار


لعلك قد تعجبت قليلاً عزيزي القاريء من العنوان الذي قمت بقراءته ولكن دعني أخبرك أنه ليس بهذيان أو تخاريف أو أي كلام فاضي معقول إنها الحقيقة التي ما زال الكثيرين منا يحاول إنكارها .
نعم قمنا بثورة وخلعنا مبارك و لكن هل تغير النظام ... ؟!
بكل تأكيد كل ما قمنا به هو
خلع شخص مبارك و صورته من القصور الرئاسية ومكاتب الوزراء والأماكن الرسمية والمنشأت العامة و استبدلناها بنظام مـبارك بلس .
وبلس هنا بمعنى زائد أو الإصدار الأحدث أو كما قال لي أحد الأصدقاء مبارك نيو فيرجن
ولا أجد حرجاً في الإعتراف بتلك الحقيقة فقد قمنا باستبدال شخص بمجموعة أشخاص من جنرالات الجيش
أو ممن يعرفون بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويرأسهم سيادة المشير طنطاوي و المعروف عنهم جميعاً أنهم من مدرسة مبارك ويبدو هذا واضحاً جلياً في طريقة إدارتهم للأمور .
وبعيداً عن الصورة التي يحاول البعض تصديرها ممن تعودوا القيام بمنافقة الحاكم أياً كان سواء لعرض أنفسهم أمام الحاكم ومحاولة التقرب إليه ومهادنته  لتحقيق مصالح خاصة  أو بسبب مرض متلازمة ستوكهولهم
حيث أن البعض قد تعود أن يهتف باسم السيد الرئيس أطال الله في عمره سواء رئيس الجمهورية أو حتى رئيس المصلحة التي يعمل فيها
والأن وقد تخلصنا من طاغية استباح خيرات و موارد الوطن مع مجموعة من اللصوص والأتباع والمنتفعين والابناء و كأنها عزبة الوالد ومع إني أشك في أنها لو كانت فعلاً عزبة السيد الوالد ما كان حدث ما حدث وما كنا سنصل إلى ما وصلنا إليه  الأن .
ثم نجد أننا قد وقعنا مع مجموعة أخرى ما هى إلا صورة ونموذج حديث لنظام مبارك المخلوع
وأعذرني في تكرار كلمة " مخلوع " لأنها تروقني كثيراً رغم كل ما نعانيه من أصدقاؤه حالياً .
فتجد من يقول أنهم كانوا مع الثورة وأنهم ضد التوريث وفي الحقيقة أنني أرى أن الفائدة الوحيدة العائدة عليهم هى أن الحكم لم يقع في يد جمال مبارك و أنهم تخلصوا من ذلك الطفل المدلل ليسيطروا هم على الحكم كما هو الحال منذ إنقلاب 1952 والذي تحول إلى ثورة فيما بعد أو هكذا قيل أنها ثورة
و لا يوجد عندي أدنى شك في أن السادة أعضاء المجلس لا يرغبون في الاستمرار أو البقاء في الحكم لفترة طويلة و لكن هل سيعطون الفرصة لأي حكومة قادمة أن تنتزع منهم إمتيازاتهم وصلاحياتهم؟
الإجابة بالتأكيد لا خصوصاً بعد كل ما جاء من تصرفات وقرارات مريبة وأحداث مؤسفة تورط  فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة و التي أساءت بدورها لتاريخ الجيش الوطني الذي يحظى بتقدير وإحترام كل مصري داخل مصر أو خارجها .
وجاء الحدث الأعظم الذي قطع الشك باليقين في تلك المواد التي وجدناها في وثيقة المباديء الدستورية والتي تتحدث عن دور القوات المسلحة في حماية نظام الحكم و اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون غيره بإدارة شئون الجيش و سرية ميزانية القوات المسلحة مما يعني أننا سوف نجد القوات المسلحة في صورة كيان بمثابة دولة داخل الدولة وأننا بصدد تكرار سيناريو عانت منه تركيا لفترة طويلة من تدخلات و إنقلابات عسكرية ضد نظام الحكم
والسؤال هنا هل نحن في حاجة فعلاً ليكون الجيش هو الضامن لنظام الحكم؟ بالتأكيد لا فالقوات المسلحة أداة إستراتيجية دورها حماية البلاد من أي إعتداءات خارجية وفي حالة الحرب لا قدر الله تكون مطالبة بالقيام بدورها التقنى والفني و يقتصر دورها على تحقيق الإنتصار على العدو بأقل خسائر ممكنة
أما عن المنوط  بهم حماية الدستور القادم والحفاظ على الشرعية السياسية هم من اختاروا ذلك الدستور فقط
و على أعضاء المجلس العسكري أن يلتزموا بدورهم وأن يقوموا بالإسراع في تسليم السلطة كما وعدوا الشعب
والتراجع عن تلك الوثيقة المشوهة و ما فيها من بنود معيبة قد تجعل القوات المسلحة بأكملها في حرج وقد تؤدي إلى حدث مواجهات بين القوات المسلحة والشعب ويحدث ما كنا نخشاه جميعاً
وعلى السيد المشير أن يعلم أن مشاكلنا لن تحلها أطول سارية علم في موسوعة الأرقام القياسية وعلينا جميعاً
 ألا ننسى أهداف الثورة وأن نسعى لبناء مجتمع جديد يستطيع حماية مقدراته وصناعة مستقبله أو ما يعرف بالمجتمع الحارس لأن هذا هو الضمان الحقيقي للشعب و لا أخفي عليكم أنني كنت وما زلت لا أراهن على المجلس العسكري ولا على هذه الأحزاب الرخوة والمترهلة أو القوى التي ظنت بأن الفرصة مواتية وراحت تتكالب على السلطة أو حتى هؤلاء الذين يسمون أو يعرفون بالنخبة فالرهان الوحيد والضمانة الوحيدة لنا هى الشارع فلا تدعوهم ينجحون في استكمال هذا الحاجز المنيع بين النشطاء والثوار وبين الشارع
فالناشط السياسي أو المجتمعي دوره أن يكون صوتاً وميكروفون للشارع في الشارع وليس فقط في الفضائيات وبرامج التوك شو عودوا إلى الناس تخلو عن مبارك الذي يقبع بداخلكم فالكل الآن يريد السيطرة على الجميع
والكل سعيد بظهوره على قناة تلو الأخرى ولكن يجب أن لا ننسى أصحاب هذا الفضل فلولاهم ما كنا نحلم بأن نظهر على شاشة أو أن نكتب كلمة بدون أن نواجه المصير المعروف والذي يعاد إنتاجه من جديد الأن فبعد أن كانت الوسيلة للتعامل مع المعارضين والناشطين هى المعتقلات والسجن والتعذيب تم إضافة الميزة الجديدة داخل الإصدار الجديد من النظام وهى مستشفيات أمراض الصحة النفسية و العصبية ليصبح كل ناشط سياسي أو معارض للسلطة الأن هو في حكم المختل عقلياً .
لذلك يجب أن تنتهي أسطورة مبارك الجديد قبل أن يولد فالثورة لم تنتهي بعد ولن تنتهي حتى بناء مصر الجديدة التي نطمح إليها جميعاً .
استقيموا يرحمنا ويرحمكم الله .
 

0 التعليقات

إرسال تعليق

إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية