بقلم : إبراهيم البحار

في إحدى بقاع العالم الكبير على كوكب الأرض وبالتحديد في إحدى غابات قارة أفريقيا يوجد عالم كبير مليء بالأحداث والمتغيرات عالم لا يحكمه إلا قانون الغابة ولا يسمح بالبقاء فيه إلا للأقوى وفي الغابة لا يوجد من هو أقوى من ذلك الأسد الذي نصًّبته قوته وشراسته وضعف من حوله ملكاً وسلمته مقاليد العرش والسلطة المطلقة ثم أخذ يتكبر ويزداد غروراً وطمعاً في الإنفراد بالحكم والسُلطة دون غيره وليزداد قوة جمع حوله مجموعة من الذئاب التي تمكنه من السيطرة على المملكة والثعالب الماكرة التي تعاونه في خداع وتضليل الحيوانات .
فانتشر الظلم والفساد والحقد والكراهية وألتف حولهم مجموعة من الخنازير والثعابين فأزدادوا فساداً وأزدادت باقي الحيوانات ظلماً وقهراً ووقف النمر على الحياد لأنه يعلم أن عليه

حماية الغابة من الدخلاء والمخربين واستمر الوضع على هذا الحال لفترة طويلة من الزمان وأصبحت الحياة داخل الغابة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم .
ثم بدأ عدد من القردة  التذمر وبدأت تعلن عن غضبها في محاولة لايصال صوتها إلى الأسد وتكررت هذه المحاولات مرات عديدة و لكنه دائماً ما كان يرفض الإستماع والإنصات  وكان دائماً ما يحاول من حوله بناء الحواجز والعقبات
بين الأسد وباقي الحيوانات بعد أن أستولى هؤلاء على خيرات الغابة من ماء ونبات وأشجار و مزروعات بينما لا تجد الحيوانات ما يكفيها من طعام وشراب إلا بصعوبة كبيرة وأخذت حالة الضيق والغضب تزداد بين الحيوانات
وتبدأ القردة في التذمر من جديد و تعلن عن غضبها داخل أرجاء الغابة وبدأ يشاركها عدد من القرود الأخرى وأخذوا يصرخون ويقفزون بين الأشجار فيخرج الذئاب لمطاردتهم ومهاجمتهم فتفتك بكل من يستطيعون الإمساك به
فتهرب القردة لتحافظ على حياتها .
وتكررت محاولات القردة مرة تلو الأخرى ويتكرر نفس رد فعل الأسد ومن حوله إلى أن أمتلك الغضب كل من هم داخل الغابة من الحيوانات وسيطر الحزن واليأس على عدد كبير منهم يقيناً منهم أنه إذا أستمر هذا الحال فإنهم هالكون لا محالة ولن يبقى أمامهم إلا أن يهاجموا بعضهم البعض ليستطيع الناجي منهم البقاء على قيد الحياة ولكن إلى متى سيصمدون أمام هذا الوضع فأشتد الغضب وخرجت القردة و قطعان من الفيلة وعدد كبير من الحيوانات ليعلنوا رفضهم لهذا الوضع فخرجت الذئاب كعادتها لتمارس ما اعتادت على القيام به منذ زمن طويل ولكن جاءت المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أحد ..!
لم تستطيع تلك الذئاب الصمود أمام هذه الجموع من الحيوانات ..!
 هل من المعقول أن تستطيع هذه الحيوانات الأليفة المسالمة التي اعتادت الصمت والسكون والخضوع
 هزيمة تلك الذئاب ... !
 وذهبت الفيلة إلى بيوت الذئاب والثعالب وقامت بهدمها واحداً تلو الأخر إلى أن قضت على أخر ما تبقى لهم وهنا شعر الأسد أن هناك خطر يهدد مُلكه الذي أستباحه وأستولى عليه منذ زمن طويل فقام باستدعاء النمر ليسانده ولكن هل يستطيع النمر رغم قوته وسرعته أن يواجه حيوانات الغابة بأكملها هكذا فكر النمر وقرر أن يتريث قليلاً قبل أن يتخذ قراره وبعد تفكير طويل قرر أن يقف على الحياد إلى أن يرى من منهم سيغلب ومن سيصمد أمام الأخر فبدأت الثعالب الماكرة تفكر كيف نخرج من هذا المأزق فكرت في أن تفتعل المشاكل بين الحيوانات وتشغلهم عما يقومون به لكن لم تنجح مكائدهم وأفكارهم الخبيثة و حاولوا عدة مرات ردع الحيوانات و إخافتهم كالعادة و لكن كل محاولاتهم  باءت بالفشل وظل النمر على حياده السلبي يتابع ويراقب من بعيد حتى أدرك أن لا مفر من إتخاذ قرار في هذا الأمر وأن الحيوانات لن تعود عما تنوي القيام به
وهو التخلص من ذلك الأسد العنيد ومن حوله من ذئاب وثعالب فعرض على الأسد أن يرحل ويترك الغابة في سلام وأمان وأخبره أن الحيوانات لن تقبل بقائه في الغابة بعد الآن .
فوجد الأسد أن الوقت قد انتهى وقرر الرحيل عندها أكتشف الجميع أن ذلك الأسد الشرس الذي كانوا يخشونه هو في الأصل أسداً عجوزاً ضعيفاً وأن من حوله هم من كانوا يمجدونه إلى أن صدقوا  هذا الوهم وحاول الذئاب والثعالب واتباعهم  من الخنازير مرات عديدة أن يسيطروا على الغابة وكل من فيها لكن فشلت كل محاولاتهم وقام الحيوانات بإجبار الثعالب والذئاب على الرحيل وما كان على النمر إلا أن يوافقهم الرأي فإنهم هم الغالبون وعلى الرغم من ذلك نجحت الخنازير في البقاء داخل الأماكن البعيدة في الغابة لبعض الوقت وحاول باقي الحيوانات طردهم وطلبوا من النمر أن يطردهم خارج الغابة ولكن ... !
جاء تصرف النمر غير مفهوماً على الاطلاق بل ومريباً بعض الشيء لماذا أيها النمر الشجاع تأبى أن تطرد تلك الخنازير رغم كل ما فعلته من تخريب وما تسببه لنا من أمراض و روائح كريهة هكذا سأله أحد القرود فجاء رد النمر كما جاء سابقاً غير واضح وغير مفهوم ثم طلب منهم التروي والمكوث قليلاً و وعدهم بأنه سوف يقوم بطردهم فيما بعد فأجابوه وما الفرق بين أن تطردهم الآن أو تطردهم فيما بعد طالما أننا لا نرغب في وجودهم معنا وأنت لا ترغب في بقائهم داخل الغابة كما تقول .
و لكن بسبب أن أغلب الحيوانات ظنوا أن بطرد الأسد العجوز قد تم حل كل مشكلاتهم فلم يعد للباقي منهم نفس الـتأثير
فقال لهم النمر أنا من أقوم بحماية هذه الغابة وأنتم بدوني لا تستطيعون حماية أنفسكم ويجب أن تعلموا أنني سوف أفعل ما أراه في صالح الغابة وصالحكم وفي الوقت المناسب .
عندئذ غضب القرود والحيوانات الذين استمروا على موقفهم ولم يكتف أي منهم بطرد الأسد
فأجابوه قائلين : لا أيها النمر أنت واهم ومنطقك غير صحيح فالأسد لم يعد كما كان ملك الغابة لأنها أصبحت ملكاً لنا جميعاً وعليك أن تعلم ذلك جيداً .
وهنا أخذ الجميع يفكرون ويتساءلون ما هى مصلحة النمر في أن يُبقي على هؤلاء الخنازير ... ؟!
هذا هو السؤال الذي حير الجميع .
لكن السؤال الأهم هل يستطيع هؤلاء فرض إرادتهم ورأيهم  على النمر وأن يكملوا ما بدأوه أم أن النمر سوف ينجح فيما لم ينجح فيه الأسد ومن معه .. ؟!
أم أن القدر له رأي آخر ويخفي لهؤلاء جميعاً أمرًا ما لا يعلمونه بعد ... ؟!   

0 التعليقات

إرسال تعليق

إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية