بقلم : نرمين كحيلة
كان هذا لسان حال امرأة عجوز انحنى ظهرها ، تبحث عن كسرة خبز فى صندوق قمامة تسد به جوعها ، رأيتها وأنا أسير فى أحد الشوارع فأسرعت لأشترى طعامًا لها ولكننى للأسف حين خرجت لم أجدها فقد اختفت عن الأنظار. فحزنت حزنًا شديدًا لأنى لم أستطع تقديم العون لها.

ارتباط

وتذكرت على الفور رؤيا رآها ابن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما فقد رأى أباه عمر فى المنام بعد وفاته بثمانية عشر عامًا فسأله: لماذا لم تزرنى قبل هذا يا أبى؟ فرد عمر قائلا: كنت مشغولا بمحاسبة ربى حسابًا عسيرًا على فترة خلافتى وكدت أهلك لولا رحمة ربى.


سبحان الله! سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه بجلال قدره وتقواه وورعه وعدله يحاسبه ربه ثمانية عشر عامًا ، فكم سيحاسَب مبارك وبن على وصالح والقذافى وبشار؟



فقد دلت الأدلة على أن المؤمنين يلقون ربهم بعد موتهم، ومن ذلك قول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [البقرة:223].


وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، قال: فيلقى العبد فيقول: أي فُلْ ألم أكرمك ,أسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني.

وقد دلت هذه الأدلة على أن اللقاء متضمن لرؤية الله تعالى، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أما اللقاء فقد فسره طائفة من السلف والخلف بما يتضمن المعاينة والمشاهدة، بعد السلوك والمسير، وقالوا: إن لقاء الله يتضمن رؤيته سبحانه وتعالى
وظاهر هذه الأدلة يدل على أن الكفار يلقون ربهم ويرونه يوم القيامة، كما هو قول طائفة من السلف، ويدل عليه أيضاً قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ* فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً* وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ* فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً* وَيَصْلَى سَعِيراً [الانشقاق].
لكن رؤية الكفار له لا تتضمن كرامة لهم ولا نعيماً، بل يعقبها الحجب والحرمان، كما قال الله تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15].
والحاصل أن الإنسان -المؤمن والكافر- يلقى ربه يوم القيامة، وينفرد المؤمن برؤية ربه في الجنة.

0 التعليقات

إرسال تعليق

إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية