كنت دائما أدعو الله تعالى فى صلاتى وأقول:اللهم إنى أسألك باسمك الرشيد أن تؤتنى رشدى وأن ترينى طريق الرشاد ولكنى وللمرة الأولى أتوقف وأنا أقرأ قوله تعالى" : ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين" (الانبياء:51-56)
توقفت لأجد أن الله عز وجل قال:"ولقد آتينا إبراهيم رشده" قبل أن يقول:"إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التمايل التى أنتم لها عاكفون" أى قبل أن يبدأ دعوته آتاه الله رشده يعنى أعطاه عقلا راجحا يفكر به تفكيرا صحيحا فلا يتبع أهله وقومه اتباعا أعمى ولا يكفر مثلهم ويتضح من الآيات أن إبراهيم عليه السلام كان دائم التفكير والتفكر فبدأ بمناقشة نفسه لكى يصل للحقيقة " فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ " (الأنعام:77-78)
قوله تعالى : ولقد آتينا إبراهيم رشده قال الفراء : أي أعطيناه هداه . من قبل أي من قبل النبوة ؛ أي وفقناه للنظر والاستدلال ، لما جن عليه الليل فرأى النجم والشمس والقمر..

قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين أي نعبدها تقليدا لأسلافنا . قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين أي في خسران بعبادتها ؛ إذ هي جمادات لا تنفع ولا تضر ولا تعلم . قالوا أجئتنا بالحق أي أجئنا بحق فيما تقول ؟ أم أنت من اللاعبين أي لاعب مازح . قال بل ربكم رب السماوات والأرض أي لست بلاعب ، بل ربكم والقائم بتدبيركم خالق السماوات والأرض . الذي فطرهن أي خلقهن وأبدعهن . وأنا على ذلكم من الشاهدين أي على أنه رب السماوات والأرض . والشاهد يبين الحكم ؛ فالمعنى : وأنا أبين بالدليل ما أقول.
وكذلك كان يفكر قوم لوط عليه السلام إذ كانوا لا يستخدمون عقولهم" وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد" (هود:78) يعنى سيدنا لوط عليه السلام كان يتعجب من قومه الذين ليس فيهم رجل رشيد يفهم ويحكم عقله؟
أما سيدنا شعيب عليه السلام فقال له قومه في تهكمهم: " إِنَّكَ لأنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ْ" أي: أئنك أنت الذي، الحلم والوقار، لك خلق، والرشد لك سجية، فلا يصدر عنك إلا رشد، ولا تأمر إلا برشد، ولا تنهى إلا عن غي، أي: ليس الأمر كذلك.
وقصدهم أنه موصوف بعكس هذين الوصفين: بالسفه والغواية، أي: أن المعنى: كيف تكون أنت الحليم الرشيد، وآباؤنا هم السفهاء الغاوون؟!! يعنى هم يرون أن الشرك رشد وأن الإيمان سفاهة ، سبحان الله! قلبوا الاية.
في علم الصرف تعني المبالغة، فهناك اسم فاعل، وهناك اسم فاعلٍ مبالغٍ فيه. تقول مثلاً.. صادق، صدوق أي كثير الصدق، فاعل، فعول.. فهذا الاسم الرشيد على وزن فعيل، وماذا يعني اسم المبالغة في حقِّ ذات الله عزَّ وجلَّ ؟
يعني شيئين.. فهو يعني عدداً ونوعاً.. كلُّ أفعال الله عزَّ وجلَّ رشيدة، والرشيد إذا وصف الله بهذا الوصف فهو الرُشد المطلق، الله عزَّ وجلَّ مطلق، فعلمه مطلق، قدرته مطلقة، رحمته مطلقة، يجب أن تعلم علم اليقين أنَّ الله سبحانه وتعالى في كلِّ أسمائه وصفاته مطلق.
فالحمد لله الذى ألهمنا رشدنا وجعلنا نميز بين الحق والباطل وبين الخبيث والطيب والحمد لله الذى عافانا مما ابتلى به غيرنا ممن يؤيدون السيسى وندعو لهم الله من صميم قلوبنا أن يلهمهم الله الرشد ليروا أن تأييدهم للسفاح هو ضلال.

0 التعليقات

إرسال تعليق

إذا كنُّا قدمنا لك الفائدة من خلال الموضوع المعروض لا تنس وضع تعليقك ورجاءً عدم وضع روابط إعلانية